عيسى عليه السلام
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
عيسى عليه السلام
:: نص الموضوع :
قال الله تبارك وتعالى:
مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَانظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمْ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) {سورة المائدة}
عدد مرات ذكره في القرءان
ذكر عيسى في ثلاث عشرة سور من القرءان، وفي ثلاث وثلاثين ءاية منه.
نسبه ونسب أمه عليهما السلام
هو عبد الله ورسوله عيسى ابن مريم بنت عمران وهو اخر أنبياء بني إسرائيل عيشًا في الأرض
قال المصطفى صلى الله عليه وسلم:
((الأنبياء إخوة لعلات دينهم واحد وأمهاتهم شتى وانا اولى الناس بعيسى ابن مريم ليس بيني وبينه نبي)) رواه البخاري
كما أن اخر الأنبياء والرسل جميعًا هو الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.
فسيدنا عيسى عليه السلام عبد من عباد الله خلقه الله تعالى وصوره في الرحم كما صور غيره من البشر
وقد خلقه تعالى من غير أب كما خلق ءادم من غير أب وأم
قال الله عزوجل:
إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) {سورة آل عمران}
وأم عيسى عليها السلام هي مريم بنت عمران من سلالة نبي الله داود عليه السلام.
نشأة مريم وتبشير الملائكة لها
نشأت الصديقة الولية مريم عليها السلام نشأة طهر وعفاف وتربت على التقوى تؤدي الواجبات وتكثر من نوافل الطاعات، وعاشت في جوار بيت المقدس، وقد وصفها الله تعالى في القرءان الكريم بالصديقة، وكانت الملائكة تأتي إلى مريم عليها السلام وتزورها، إلى أن جاءت إليها في وقت وبشرتها باصطفاء الله تعالى لها من بين سائر النساء وبتطهيرها من الأدناس والرذائل، وبشرتها كذلك بمولود كريم يكون له شان عظيم في الدنيا والاخره ويكلم الناس صغيرًا وفي المهد ويكون كهلا ومن الصالحين
يقول الله تبارك وتعالى:
وَإِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42) يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) ذَلِكَ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44) إِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنْ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (48) {سورة آل عمران}
ذكر ولادة عيسى وحال أمه حين ولادته
قال الله تبارك وتعالى:
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيّاً (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُنْ بَغِيّاً (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً (21) فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَنْسِيّاً (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيْنَ مِنْ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً (26) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً (31) وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً (32) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً (33) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (36) فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (37) {سورة مريم}
دعوته عليه السلام
أرسل الله تبارك وتعالى عيسى إلى بني إسرائيل يدعوهم لدين الإسلام وعلمه التوراة وأنزل عليه كتابًا سماويا وهو الإنجيل الذي فيه دعوة إلى الإيمان بالله الواحد الأحد خالق كل شىء وإلى الإيمان بأنه عبدالله ورسوله وليس ابن الله والعياذ بالله فالله واحد احد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد هذه حقيقة واضحة كوضح الشمس، والإنجيل فيه بيان أحكام شريعته، وفيه البشارة بنبي ءاخر الزمان وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وفيه أيضا تحريم الربا وكل ضار للعقل أو البدن وأكل لحم الخنزير، وفيه الأمر بالصلاة والصيام وغير ذلك من أمور الدين، وكان أصل دعوته شيئين إفراد الله بالعبادة والإيمان به أنه نبيه، ولم يسم نفسه ابنا الله ولا سمى الله أباه وإنما الذاهب الثلاثة التي هي أصول اختلاف النصارى في عيسى عليه السلام هي من تأليف بولس، وكانت أول كلمة أنطقه الله تعالى بها وهو في مهده، حيث اعترف بالعبودية لله تعالى وحده رب كل شىء وخالق كل شىء.
ولقد حذر عيسى المسيح عليه السلام قومه بني إسرائيل من الكفر والإشراك وبين لهم أنه من يشرك بالله تعالى فقد حرم الله تعالى عليه الجنة ومأواه نار جهنم خالدًا فيها أبدا.
كان من أتباع عيسى المسيح عليه السلام الذين صدقوه واتبعوه وءامنوا به مسلمين مؤمنين، وكان من أتباعه وتلامذته وصفوته وخاصته الحواريون الذين كانوا أعوانا له ينشرون دعوته وشرعه ويعلمون الناس الخير وتعاليم الشرع الحنيف الذي أوحي به إلى عيسى عليه السلام
يقول الله تعالى:
وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنْ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) {سورة المائدة}
وإنما طلبوا شهادة عيسى عليه السلام بإسلامهم تأكيدًا على إيمانهم، لأن الرسل والأنبياء يشهدون يوم القيامة لقومهم وعليهم، وفي هذا دليل أيضًا على أن الإسلام والإيمان متلازمان.
قصة جريج الراهب
كان في أمة عيسى الصالحون الصادقون الذين اسقاموا بطاعة الله وحده ومنهم جريج رضي الله عنه، فقد كان جريج من المسلمين الذين هم على شريعة نبي الله عيسى عليه السلام وكان تقيًا صالحًا يعيش بعيدًا عن الناس، وكان قد بنى صومعة يعبد الله تعالى فيها، وجاء في قصته أم امرأة زانية فاسقة قالت: أنا افتن جريجًا هذا، فتزينت وتعرضت له فلما رءاها لم يهتم بها ففقدت الأمل في فتنته، ثم صادفت رجلا راعيًا فتعرضت له فزنى بها فحملت منه ثم لما وضعت حملها قالت: هذا الولد من جريج، وذهبوا إلى جريج وهدموا صومعته التي كان يعبد الله فيها، وربطوه بحبل وجروه وطافوا به بين الناس إهانة له، فقال لهم: أمهلوني حتى أصلي ركعتين فأمهلوه فصلى ركعتين ثم قال للمولد الذي ولدته هذه المرأة الفاسقة: يا غلام من أبوك؟ قال المولود الراعي، أنطق الله تعالى الغلام ليبرىء عبده الولي الصالح جريجًا، فعادوا يتمسحون به ويقبلونه ليرضى حيث رأوا هذه الكرامة العظيمة وهي أنه أنطق هذا الطفل المولود بإذن الله لتبرئته مما اتهم به، فقالوا له: نبني لك صومعتك من ذهب، فقال لهم جريج: لا، أعيدوها كما كانت، أي من طين، وروى هذه القصة البخاري ومسلم في صحيحيهما.
معجزات عيسى عليه السلام
أيد الله تبارك وتعالى عيسى بروح القدس جبريل عليه السلام، وأيده أيضا بالبينات وهي المعجزات الدالة على صدقه فيما يبلغه عن الله تبارك وتعالى، ومن هذه المعجزات أيضا أنه كان يصور من الطين على صورة الطير فإذا نفخ فيه يكون طيرًا بإذن الله ومشيئته، وكان أيضا يحيي الموتى بإذن الله وأول من أحيا عندما مر على امرأة عجوز تبكي فقال لها ما الذي يبكيكي فقالت ماتت ابنتي وليس لي أحدًا غيرها، فقال عليه السلام: أرأيت إن نظرت إليها أراجعة أنت؟ قالت: نعم، فصلى عليه السلام ركعتين لله تعالى ثم جاء فجلس عند القبر، فنادى: يا فلانة، قومي بإذن الله الرحمن فاخرجي، فتحرك القبر، ثم نادى المرة الثانية فانصدع القبر بإذن الله، ثم نادى الثالثة فخرجت وهي تنفض رأسها من التراب، ثم قال لها عيسى عليه السلام: ما أبطأ بك عني فقالت له: لما جاءتني الصيحة الأولى بعث الله لي ملكًا فركب خلقي، ثم جاءتني الصيحة الثانية فرجع إلى روحي (المراد بقوله روحي أي قوتي)، ثم جاءتني الصيحة الثالثة فخفت أنها صيحة القيامة فشاب رأسي وحاجباي وأشفار عيني من مخافة القيامة، ثم أقبلت على أمها فقالت لها: يا أماه ما حملك على أن أذوق ركب الموت مرتين؟ يا أماه اصبري واحتسبي فلا حاجة لي في الدنيا، ثم كلمت نبي الله عيسى عليه السلام وقالت له: سل ربي أن يردني إلى الآخرة وأن يهون علي كرب الموت فدعا عليه السلام ربه فقبضها إليه واستوت عليها الارض فسبحان القادر على كل شىء، ولما بلغ اليهود خبر هذه الحادثة ازدادوا على عيسى عليه السلام غضبًا.
ويروى أن ملكًا من ملوك بني إسرائيل مات وحمل على سريره ونعشه، فجاء عيسى عليه اسلام فدعا الله عزوجل فأحياه الله عزوجل، ورأى الناس يومئذ أمرًا هائلا ومنظرًا عجيبًا.
بيان أن عيسى ابن مريم بشر بالرسول محمد(ص)
يقول الله تعالى:
وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6) {سورة الصف}
نبي الله عيسى المسيح عليه السلام بشر برسول ءاخر الزمان وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كما بشر به الأنبياء السابقون من قبله فذكروا صفاته كما ذكرت في التوراة والانجيل وذلك ليعرفه بنو إسرائيل ويتابعوه، ولما كان نبي الله عيسى عليه السلام هو ءاخر أنبياء بني إسرائيل قام عليه السلام في بني إسرائيل خطيبًا فأخبرهم أن النبوة قد انقطعت عنهم وأنها بعده في النبي العربي الامي خاتم الأنبياء وأفضلهم على الإطلاق وهو أحمد وهو محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم الذي هو من سلالة إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهم السلام.
يقول الله تعالى في حق هؤلاء الذين اتبعوا نبيه ورسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم وءامنوا به:
) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (157) {سورة الأعراف}
روى البهيقي في الدلائل وغيره عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ابن مريم ورأت أمي أنه خرج منها نور أضائت له قصور الشام))، وقوله: ((دعوة أبي إبراهيم)) وذلك أن ابراهيم لما بنى الكعبة قال:
رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) {سورة البقرة}
ذكر خبر المائدة التي نزلت من السماء
ذكر الله تبارك وتعالى سورة المائدة وحيا على رسوله صلى الله عليه وسلم وسميت هذه السورة سورة المائدة لأنها تتضمن قصة المائدة التي أنزلها الله تعالى من السماء عندما سأله عيسى ابن مريم عليه السلام إنزالها من السماء كما طلب منه ذلك اصحابه وتلا ميذه الحواريون، ومضمون خبر وقصة هذه المائدة ان عيسى عليه السلام أمر الحواريون بصيام ثلاثين يوما فلما أتموها سألوا عيسى عليه السلام إنزال مائدة من السماء عليهم ليأكلوا منها وتطمئن بذلك قلوبهم أن الله تعالى قد قبل صيامهم وتكون لهم عيدًا يفطرون عليها يوم فطرهم، ولكن عيسى عليه السلام وعظهم في ذلك وخاف عليهم ألا يقوموا بشكرها، فأبوا عليه إلا أن يسأل لهم ذلك، فلما ألحوا عليه أخذ يتضرع إلى الله تعالى في الدعاء والسؤال أن يجابوا إلى ما طلبوا فاستجاب الله عزوجل دعاءه فأنزل سبحانه المائدة من السماء والناس ينظرون إليها تنحدر بين غمامتين، وجعلت تدنو قليلا قليلا وكالما دنت منهم يسأل عيسى عليه السلام أن يجعلها رحمة لا نقمة وأن يجعلها سلامًا وبركة، فلم تزل تدنو حتى استقرت بين يدي عيسى عليه السلام وهي مغطاة بمنديل، فقام عيسى عليه السلام يكشف عنها وهو يقول
(( بسم الله خير الرازقين))
فإذا عليها من الطعام سبعة من الحيتان وسبعة أرغفة وقيل: كان عليها خل ورمان وثمار ولها رائحة عظيمة جدًا، ثم امرهم عيسى عليه السلام بالأكل منها أمر عليه السلام الفقراء والمحاويج والمرضى وأصحاب العاهات وكانوا قريبًا من الألف وثلاثمائة أن يأكلوا من هذه المائدة، فأكلوا منها فبرأ كل من به عاهة أو ءافة أو مرض مزمن واستغنى الفقراء وصاروا أغنياء فندم الناس الذين لم يأكلوا منها لما رأوا من إصلاح حال اولئك الذين أكلوا ثم صعدت المائدة وهم ينظرون إليها حتى توارت عن اعينهم
وقيل:
إن هذه المائدة كانت تنزل كل يوم مرة فيأكل الناس منها، فيأكل ءاخرهم كما ياكل أولهم حتى قيل:
إنه كان ياكل منها كل يوم سبعة ءالاف شخص.
ثم أمر الله تعالى أن يقصرها على الفقراء دون الاغنياء، فشق ذلك على كثير من الناس وتكلم منافقوهم في ذلك فرفعت ومُسخ الذين تكلموا في ذلك من المنافقين خنازير.
من أقوال عيسى وحكمه
روي أن عيسى ابن مريم عليهما السلام وقف هو وأصحابه على قبر فجعل أصحابه يذكرون القبر وضيقه فقال لهم عليه السلام:
قد كنتم فيما هو أضيق منه في أرحام امهاتكم، فإذا أحب الله أن يوسع وسع
وورد أن عيسى عليه السلام قال في أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم:
(( علماء حلماء بررة اتقياء كأنهم من الفقه انبياء)) .
وورد أن عيسى المسيح عليه السلام قال يومًا لتلاميذه الحواريون:
كلوا خبز الشعير واشربوا الماء القراح واخرجوا من الدنيا سالمين ءامنين، بحق ما أقول لكم إن حلاوة الدنيا مرارة الآخرة
وإن مرارة الدنيا حلاوة الآخرة.
وورد أنه قيل له:
من أشد الناس فتنة؟ فقال:
زلة العالم، فإن العالم إذا زل يزل بزلته عالم كثير
وروى أنه عليه السلام قام في بني إسرائيل فقال:
يا معشر الحواريون، لا تحدثوا بالحكم غير أهلها فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموها
ومن حكمه عليه السلام أنه قال:
لا تطرحوا اللؤلؤ إلى الخنزير فإن الخنزير لا تصنع باللؤلؤ شيئا، ولا تعطوا الحكمة من لا يريدها
مكيدة اليهود ورفع عيسى للسماء
قال الله تبارك وتعالى:
فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمْ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53) وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54) {سورة آل عمران}
استمر أكثر بني إسرائيل على كفرهم وضلالهم وعنادهم وءامن بعيسى عليه السلام القليل، وكان منهم طائفة صالحة كانوا له انصارًا وأعونًا قاموا بمتابعته ونصرته وإعانته على نشر دين الإسلام الحق الذي أرسله الله تبارك وتعالى ليدعوه إليه، ولما اخذت دعوته تنتشر ويكثر اتباعه ومناصروه حسده اليهود وتآمروا عليه واخذوا يدبرون مكيدة لقتله والتخلص منه، فوشوا به إلى بعض ملوك الزمان وعزموا على قتله وصلبه فأنقذه الله تعالى من مكيدتهم ومكرهم ورفعه إلى السماء من بين اظهرهم وألقى شبهه على أحد أصحابه فأخذوه فقتلوه وصلبوه وهم يعتقدونه عيسى عليه السلام وهم في ذلك غالطون، قال الله تعالى في الرد على اليهود الذين زعموا انهم قتلوا نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام:
) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (158) {سورة النساء}
بيان نزول عيسى من السماء قبل يوم القيامة
ليعلم أنه ورد في الشريعة أن من علامات قرب قيام الساعة نزول عيسى عليه السلام من السماء على الارض، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ قوله تعالى:
وإنه لعلم للساعة (61) {سورة الزخرف}
فقال:
((نزول عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة))
فأحاديث نزوله عليه السلام من السماء مشهورة قريبة من التواتر، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ان عيسى عليه السلام لما ينزل من السماء ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، ثم يعيش في الأرض أربعين سنة يحكم خلالها بشريعة القرءان شريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ويعم بعد نزول عيسى عليه السلام الأرض الإسلام والامن والسلام ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال الكذاب، ويكسر عليه السلام عند نزوله الصليب ويقتل الخنزير في بقاع الأرض، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:
قال صلى الله عليه وسلم:
(( والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى تكون السجدة خيرًا من الدنيا وما فيها)) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
وقد ورد أنه عليه السلام يسلك فج الروحاء حاجا أو معتمرًا ويقصد قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه فيرد الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقيم في الأرض حاكمًا أربعين سنة ثم يموت فيدفن في الحجرة النبوية قرب قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم وصاحبيه.
قال تعالى:
وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (158) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً (159) {سورة النساء}
قال الله تبارك وتعالى:
مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَانظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمْ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) {سورة المائدة}
عدد مرات ذكره في القرءان
ذكر عيسى في ثلاث عشرة سور من القرءان، وفي ثلاث وثلاثين ءاية منه.
نسبه ونسب أمه عليهما السلام
هو عبد الله ورسوله عيسى ابن مريم بنت عمران وهو اخر أنبياء بني إسرائيل عيشًا في الأرض
قال المصطفى صلى الله عليه وسلم:
((الأنبياء إخوة لعلات دينهم واحد وأمهاتهم شتى وانا اولى الناس بعيسى ابن مريم ليس بيني وبينه نبي)) رواه البخاري
كما أن اخر الأنبياء والرسل جميعًا هو الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.
فسيدنا عيسى عليه السلام عبد من عباد الله خلقه الله تعالى وصوره في الرحم كما صور غيره من البشر
وقد خلقه تعالى من غير أب كما خلق ءادم من غير أب وأم
قال الله عزوجل:
إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) {سورة آل عمران}
وأم عيسى عليها السلام هي مريم بنت عمران من سلالة نبي الله داود عليه السلام.
نشأة مريم وتبشير الملائكة لها
نشأت الصديقة الولية مريم عليها السلام نشأة طهر وعفاف وتربت على التقوى تؤدي الواجبات وتكثر من نوافل الطاعات، وعاشت في جوار بيت المقدس، وقد وصفها الله تعالى في القرءان الكريم بالصديقة، وكانت الملائكة تأتي إلى مريم عليها السلام وتزورها، إلى أن جاءت إليها في وقت وبشرتها باصطفاء الله تعالى لها من بين سائر النساء وبتطهيرها من الأدناس والرذائل، وبشرتها كذلك بمولود كريم يكون له شان عظيم في الدنيا والاخره ويكلم الناس صغيرًا وفي المهد ويكون كهلا ومن الصالحين
يقول الله تبارك وتعالى:
وَإِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42) يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) ذَلِكَ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44) إِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنْ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (48) {سورة آل عمران}
ذكر ولادة عيسى وحال أمه حين ولادته
قال الله تبارك وتعالى:
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيّاً (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُنْ بَغِيّاً (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً (21) فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَنْسِيّاً (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيْنَ مِنْ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً (26) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً (31) وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً (32) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً (33) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (36) فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (37) {سورة مريم}
دعوته عليه السلام
أرسل الله تبارك وتعالى عيسى إلى بني إسرائيل يدعوهم لدين الإسلام وعلمه التوراة وأنزل عليه كتابًا سماويا وهو الإنجيل الذي فيه دعوة إلى الإيمان بالله الواحد الأحد خالق كل شىء وإلى الإيمان بأنه عبدالله ورسوله وليس ابن الله والعياذ بالله فالله واحد احد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد هذه حقيقة واضحة كوضح الشمس، والإنجيل فيه بيان أحكام شريعته، وفيه البشارة بنبي ءاخر الزمان وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وفيه أيضا تحريم الربا وكل ضار للعقل أو البدن وأكل لحم الخنزير، وفيه الأمر بالصلاة والصيام وغير ذلك من أمور الدين، وكان أصل دعوته شيئين إفراد الله بالعبادة والإيمان به أنه نبيه، ولم يسم نفسه ابنا الله ولا سمى الله أباه وإنما الذاهب الثلاثة التي هي أصول اختلاف النصارى في عيسى عليه السلام هي من تأليف بولس، وكانت أول كلمة أنطقه الله تعالى بها وهو في مهده، حيث اعترف بالعبودية لله تعالى وحده رب كل شىء وخالق كل شىء.
ولقد حذر عيسى المسيح عليه السلام قومه بني إسرائيل من الكفر والإشراك وبين لهم أنه من يشرك بالله تعالى فقد حرم الله تعالى عليه الجنة ومأواه نار جهنم خالدًا فيها أبدا.
كان من أتباع عيسى المسيح عليه السلام الذين صدقوه واتبعوه وءامنوا به مسلمين مؤمنين، وكان من أتباعه وتلامذته وصفوته وخاصته الحواريون الذين كانوا أعوانا له ينشرون دعوته وشرعه ويعلمون الناس الخير وتعاليم الشرع الحنيف الذي أوحي به إلى عيسى عليه السلام
يقول الله تعالى:
وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنْ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) {سورة المائدة}
وإنما طلبوا شهادة عيسى عليه السلام بإسلامهم تأكيدًا على إيمانهم، لأن الرسل والأنبياء يشهدون يوم القيامة لقومهم وعليهم، وفي هذا دليل أيضًا على أن الإسلام والإيمان متلازمان.
قصة جريج الراهب
كان في أمة عيسى الصالحون الصادقون الذين اسقاموا بطاعة الله وحده ومنهم جريج رضي الله عنه، فقد كان جريج من المسلمين الذين هم على شريعة نبي الله عيسى عليه السلام وكان تقيًا صالحًا يعيش بعيدًا عن الناس، وكان قد بنى صومعة يعبد الله تعالى فيها، وجاء في قصته أم امرأة زانية فاسقة قالت: أنا افتن جريجًا هذا، فتزينت وتعرضت له فلما رءاها لم يهتم بها ففقدت الأمل في فتنته، ثم صادفت رجلا راعيًا فتعرضت له فزنى بها فحملت منه ثم لما وضعت حملها قالت: هذا الولد من جريج، وذهبوا إلى جريج وهدموا صومعته التي كان يعبد الله فيها، وربطوه بحبل وجروه وطافوا به بين الناس إهانة له، فقال لهم: أمهلوني حتى أصلي ركعتين فأمهلوه فصلى ركعتين ثم قال للمولد الذي ولدته هذه المرأة الفاسقة: يا غلام من أبوك؟ قال المولود الراعي، أنطق الله تعالى الغلام ليبرىء عبده الولي الصالح جريجًا، فعادوا يتمسحون به ويقبلونه ليرضى حيث رأوا هذه الكرامة العظيمة وهي أنه أنطق هذا الطفل المولود بإذن الله لتبرئته مما اتهم به، فقالوا له: نبني لك صومعتك من ذهب، فقال لهم جريج: لا، أعيدوها كما كانت، أي من طين، وروى هذه القصة البخاري ومسلم في صحيحيهما.
معجزات عيسى عليه السلام
أيد الله تبارك وتعالى عيسى بروح القدس جبريل عليه السلام، وأيده أيضا بالبينات وهي المعجزات الدالة على صدقه فيما يبلغه عن الله تبارك وتعالى، ومن هذه المعجزات أيضا أنه كان يصور من الطين على صورة الطير فإذا نفخ فيه يكون طيرًا بإذن الله ومشيئته، وكان أيضا يحيي الموتى بإذن الله وأول من أحيا عندما مر على امرأة عجوز تبكي فقال لها ما الذي يبكيكي فقالت ماتت ابنتي وليس لي أحدًا غيرها، فقال عليه السلام: أرأيت إن نظرت إليها أراجعة أنت؟ قالت: نعم، فصلى عليه السلام ركعتين لله تعالى ثم جاء فجلس عند القبر، فنادى: يا فلانة، قومي بإذن الله الرحمن فاخرجي، فتحرك القبر، ثم نادى المرة الثانية فانصدع القبر بإذن الله، ثم نادى الثالثة فخرجت وهي تنفض رأسها من التراب، ثم قال لها عيسى عليه السلام: ما أبطأ بك عني فقالت له: لما جاءتني الصيحة الأولى بعث الله لي ملكًا فركب خلقي، ثم جاءتني الصيحة الثانية فرجع إلى روحي (المراد بقوله روحي أي قوتي)، ثم جاءتني الصيحة الثالثة فخفت أنها صيحة القيامة فشاب رأسي وحاجباي وأشفار عيني من مخافة القيامة، ثم أقبلت على أمها فقالت لها: يا أماه ما حملك على أن أذوق ركب الموت مرتين؟ يا أماه اصبري واحتسبي فلا حاجة لي في الدنيا، ثم كلمت نبي الله عيسى عليه السلام وقالت له: سل ربي أن يردني إلى الآخرة وأن يهون علي كرب الموت فدعا عليه السلام ربه فقبضها إليه واستوت عليها الارض فسبحان القادر على كل شىء، ولما بلغ اليهود خبر هذه الحادثة ازدادوا على عيسى عليه السلام غضبًا.
ويروى أن ملكًا من ملوك بني إسرائيل مات وحمل على سريره ونعشه، فجاء عيسى عليه اسلام فدعا الله عزوجل فأحياه الله عزوجل، ورأى الناس يومئذ أمرًا هائلا ومنظرًا عجيبًا.
بيان أن عيسى ابن مريم بشر بالرسول محمد(ص)
يقول الله تعالى:
وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6) {سورة الصف}
نبي الله عيسى المسيح عليه السلام بشر برسول ءاخر الزمان وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كما بشر به الأنبياء السابقون من قبله فذكروا صفاته كما ذكرت في التوراة والانجيل وذلك ليعرفه بنو إسرائيل ويتابعوه، ولما كان نبي الله عيسى عليه السلام هو ءاخر أنبياء بني إسرائيل قام عليه السلام في بني إسرائيل خطيبًا فأخبرهم أن النبوة قد انقطعت عنهم وأنها بعده في النبي العربي الامي خاتم الأنبياء وأفضلهم على الإطلاق وهو أحمد وهو محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم الذي هو من سلالة إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهم السلام.
يقول الله تعالى في حق هؤلاء الذين اتبعوا نبيه ورسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم وءامنوا به:
) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (157) {سورة الأعراف}
روى البهيقي في الدلائل وغيره عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ابن مريم ورأت أمي أنه خرج منها نور أضائت له قصور الشام))، وقوله: ((دعوة أبي إبراهيم)) وذلك أن ابراهيم لما بنى الكعبة قال:
رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) {سورة البقرة}
ذكر خبر المائدة التي نزلت من السماء
ذكر الله تبارك وتعالى سورة المائدة وحيا على رسوله صلى الله عليه وسلم وسميت هذه السورة سورة المائدة لأنها تتضمن قصة المائدة التي أنزلها الله تعالى من السماء عندما سأله عيسى ابن مريم عليه السلام إنزالها من السماء كما طلب منه ذلك اصحابه وتلا ميذه الحواريون، ومضمون خبر وقصة هذه المائدة ان عيسى عليه السلام أمر الحواريون بصيام ثلاثين يوما فلما أتموها سألوا عيسى عليه السلام إنزال مائدة من السماء عليهم ليأكلوا منها وتطمئن بذلك قلوبهم أن الله تعالى قد قبل صيامهم وتكون لهم عيدًا يفطرون عليها يوم فطرهم، ولكن عيسى عليه السلام وعظهم في ذلك وخاف عليهم ألا يقوموا بشكرها، فأبوا عليه إلا أن يسأل لهم ذلك، فلما ألحوا عليه أخذ يتضرع إلى الله تعالى في الدعاء والسؤال أن يجابوا إلى ما طلبوا فاستجاب الله عزوجل دعاءه فأنزل سبحانه المائدة من السماء والناس ينظرون إليها تنحدر بين غمامتين، وجعلت تدنو قليلا قليلا وكالما دنت منهم يسأل عيسى عليه السلام أن يجعلها رحمة لا نقمة وأن يجعلها سلامًا وبركة، فلم تزل تدنو حتى استقرت بين يدي عيسى عليه السلام وهي مغطاة بمنديل، فقام عيسى عليه السلام يكشف عنها وهو يقول
(( بسم الله خير الرازقين))
فإذا عليها من الطعام سبعة من الحيتان وسبعة أرغفة وقيل: كان عليها خل ورمان وثمار ولها رائحة عظيمة جدًا، ثم امرهم عيسى عليه السلام بالأكل منها أمر عليه السلام الفقراء والمحاويج والمرضى وأصحاب العاهات وكانوا قريبًا من الألف وثلاثمائة أن يأكلوا من هذه المائدة، فأكلوا منها فبرأ كل من به عاهة أو ءافة أو مرض مزمن واستغنى الفقراء وصاروا أغنياء فندم الناس الذين لم يأكلوا منها لما رأوا من إصلاح حال اولئك الذين أكلوا ثم صعدت المائدة وهم ينظرون إليها حتى توارت عن اعينهم
وقيل:
إن هذه المائدة كانت تنزل كل يوم مرة فيأكل الناس منها، فيأكل ءاخرهم كما ياكل أولهم حتى قيل:
إنه كان ياكل منها كل يوم سبعة ءالاف شخص.
ثم أمر الله تعالى أن يقصرها على الفقراء دون الاغنياء، فشق ذلك على كثير من الناس وتكلم منافقوهم في ذلك فرفعت ومُسخ الذين تكلموا في ذلك من المنافقين خنازير.
من أقوال عيسى وحكمه
روي أن عيسى ابن مريم عليهما السلام وقف هو وأصحابه على قبر فجعل أصحابه يذكرون القبر وضيقه فقال لهم عليه السلام:
قد كنتم فيما هو أضيق منه في أرحام امهاتكم، فإذا أحب الله أن يوسع وسع
وورد أن عيسى عليه السلام قال في أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم:
(( علماء حلماء بررة اتقياء كأنهم من الفقه انبياء)) .
وورد أن عيسى المسيح عليه السلام قال يومًا لتلاميذه الحواريون:
كلوا خبز الشعير واشربوا الماء القراح واخرجوا من الدنيا سالمين ءامنين، بحق ما أقول لكم إن حلاوة الدنيا مرارة الآخرة
وإن مرارة الدنيا حلاوة الآخرة.
وورد أنه قيل له:
من أشد الناس فتنة؟ فقال:
زلة العالم، فإن العالم إذا زل يزل بزلته عالم كثير
وروى أنه عليه السلام قام في بني إسرائيل فقال:
يا معشر الحواريون، لا تحدثوا بالحكم غير أهلها فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموها
ومن حكمه عليه السلام أنه قال:
لا تطرحوا اللؤلؤ إلى الخنزير فإن الخنزير لا تصنع باللؤلؤ شيئا، ولا تعطوا الحكمة من لا يريدها
مكيدة اليهود ورفع عيسى للسماء
قال الله تبارك وتعالى:
فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمْ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53) وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54) {سورة آل عمران}
استمر أكثر بني إسرائيل على كفرهم وضلالهم وعنادهم وءامن بعيسى عليه السلام القليل، وكان منهم طائفة صالحة كانوا له انصارًا وأعونًا قاموا بمتابعته ونصرته وإعانته على نشر دين الإسلام الحق الذي أرسله الله تبارك وتعالى ليدعوه إليه، ولما اخذت دعوته تنتشر ويكثر اتباعه ومناصروه حسده اليهود وتآمروا عليه واخذوا يدبرون مكيدة لقتله والتخلص منه، فوشوا به إلى بعض ملوك الزمان وعزموا على قتله وصلبه فأنقذه الله تعالى من مكيدتهم ومكرهم ورفعه إلى السماء من بين اظهرهم وألقى شبهه على أحد أصحابه فأخذوه فقتلوه وصلبوه وهم يعتقدونه عيسى عليه السلام وهم في ذلك غالطون، قال الله تعالى في الرد على اليهود الذين زعموا انهم قتلوا نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام:
) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (158) {سورة النساء}
بيان نزول عيسى من السماء قبل يوم القيامة
ليعلم أنه ورد في الشريعة أن من علامات قرب قيام الساعة نزول عيسى عليه السلام من السماء على الارض، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ قوله تعالى:
وإنه لعلم للساعة (61) {سورة الزخرف}
فقال:
((نزول عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة))
فأحاديث نزوله عليه السلام من السماء مشهورة قريبة من التواتر، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ان عيسى عليه السلام لما ينزل من السماء ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، ثم يعيش في الأرض أربعين سنة يحكم خلالها بشريعة القرءان شريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ويعم بعد نزول عيسى عليه السلام الأرض الإسلام والامن والسلام ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال الكذاب، ويكسر عليه السلام عند نزوله الصليب ويقتل الخنزير في بقاع الأرض، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:
قال صلى الله عليه وسلم:
(( والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى تكون السجدة خيرًا من الدنيا وما فيها)) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
وقد ورد أنه عليه السلام يسلك فج الروحاء حاجا أو معتمرًا ويقصد قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه فيرد الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقيم في الأرض حاكمًا أربعين سنة ثم يموت فيدفن في الحجرة النبوية قرب قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم وصاحبيه.
قال تعالى:
وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (158) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً (159) {سورة النساء}
Abdel Mohsen- عدد المساهمات : 500
نقاط : 635
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 03/01/2010
الموقع : في حي الروضه
رد: عيسى عليه السلام
مشكوووووووووور
ŽỲỖǾỖĐ- عدد المساهمات : 500
نقاط : 699
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 31/12/2009
مواضيع مماثلة
» قصة نوح عليه السلام
» قصة هود عليه السلام
» لوط عليه السلام
» سليمان عليه السلام
» الياس عليه السلام
» قصة هود عليه السلام
» لوط عليه السلام
» سليمان عليه السلام
» الياس عليه السلام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى